فاتن قبيسي |
حصل الفنان باتريك مبارك مؤخرا على سبع جوائز من مهرجانات عدة، عن دوره في فيلم “Room 404 ” اخراج صلاح زعيتر. فيما يعكف حاليا على تصوير دوره في مسلسل “كل الحب.. كل الغرام”، آخر أعمال الكاتب الراحل مروان العبد، وهو من إنتاج واخراج ايلي المعلوف. وكانت آخر إطلالته في مسلسل “الهيبة”، في شهر رمضان الماضي، مكرسا بذلك اعادة حضوره على الشاشة، بعد غيابه لسنوات.
ومبارك الذي غادر الدراما منذ العام 2004، لم يخرق غيابه سوى المشاركة في مسلسلي “الغالبون” ( 2010)، و”قيامة البنادق”( 2012). ولهذا الابتعاد اسباب يستفيض في شرحها استاذ مهنة التمثيل، ومحترف الدوبلاج، وهو الملحن ايضا في مجال الموسيقى التصويرية، وصاحب الباع الطويل في مجال الانتاج ايضا، من خلال منصبه السابق كمدير للإنتاج في محطة “ال بي سي” لعشر سنوات.
المرارة تغلف كلام مبارك وهو يتطرق الى واقع الدراما في لبنان. الواقع الذي أبعده ايضا عن الاعلام لمدة سبع سنوات. يكسر صمته ليقول ل” شاشات”: “اجر الممثل اللبناني اليوم بالأرض!”
ويوضح: “حسب نقابة الممثلين يجب ان يكون اجر الممثل في الحلقة الواحدة 500 دولار، انا اقبل ب 350 دولارا، ومع ذلك لا نحصل عليها. علما انه يمكنني الحصول على ثلاثة آلاف دولار بموجب التعاقد الحر. اننا نقبل ب” كونترا” – “زفت” وبظروف عمل صعبة.. ويتحسرون في لبنان على ممثل مات ولا يملك اموالا لدفنه؟! ومن الآن اقول بانه “عندما اموت رح يعملولي “لميّة” ليدفنونني!”
ويتساءل : ماذا تفعل نقابة الممثلين ازاء كل ذلك؟ الممثل ينتظر الحصول على اجره احيانا لاشهر او سنوات. وبعضهم “يبلع الموس” فقط من اجل ظهوره على الشاشة. ومهما كان الوضع في هذا المجال في سوريا ومصر، فنقابات الممثلين هناك تقوم بدور ما على الأقل لصالح الممثل، ولا تترك الأمور على غاربها!
ولكن مبارك الذي عاد الى بلاتوه التصوير منذ سنتين فقط، مشاركا ايضا في مسلسلات “نص يوم” وسمرا ( الجزء الثاني)، و”الحرام”، و”شبابيك”، كيف كان يعيش في ظل غيابه عن الدراما لسنوات؟
يرد مبارك: “كان وضعي افضل، كنت اعمل في مجال الدوبلاج، وأتقاضى ألفين وخمسمائة دولار شهريا”.
ولكن المشكلة لا تنحصر هنا، يتحدث مبارك عن الدخلاء على مهنة التمثيل، وعن الرغبة الجامحة التي تضرب الكثيرين والكثيرات في الظهور والشهرة، ولا معايير سليمة في هذا المجال. وينتقد الخلط في بعض الحالات بين وظيفتي المنتج والمنتج المنفذ.. والممثلون لا يتقاضون أجورهم الحقيقية ( حسب تسعيرة النقابة) لا من هذا ولا من ذاك. بل ان اهم شركات الانتاج ومنفذي الانتاج في لبنان ان اتفقا على امر، فهو فقط على اعطاء الممثل بين 150 و350 دولار عن الحلقة (باستثناء البطلين بالطبع). علما ان معظم شركات الانتاج تلتزم بعقودها، فيما لا يلتزم منفذو الانتاج بالعقود. كما يثير ايضا مشكلة هدر أوقات الممثلين، نتيجة عدم الالتزام بالجدول الزمني للتصوير، مما يضيعّ عليهم فرصاً اخرى.
ومبارك الذي يصور اليوم 115 مشهدا فقط في مسلسل “كل الحب.. كل الغرام” ( 66 حلقة) منذ 11 شهرا، يتوقع ان يستمر التصوير ستة اشهر اضافية. ويلفت النظر الى ان هدر الوقت دفعه الى الاعتذار عن دورين عرضا عليه، لضرورات الحفاظ على “اللوك” الذي يعتمده لتجسيد دور صغير بمبلغ متواضع!
ويضيف: التمثيل “تضييع وقت” في لبنان. لا اذكر بأنني اشتريت سيارة مثلا بالتقسيط يوما ما، من اتعابي في هذا المجال. بل بالعكس تهشمت سيارتي بسبب الصعود والنزول الى أماكن التصوير. لم اعش يوما من هذه المهنة، انا اعمل في ثلاث او اربع مجالات كي استمر !
وردا على سؤال يشيد مبارك بالمشاركة في مسلسل “الهيبة” مع المخرج سامر برقاوي، نافيا معرفته عما اذا كان سيشارك في الجزء الثاني من العمل ام لا.
ويشير مبارك الى وجود مخرجبن وممثلين جيدين في لبنان وسوريا، ولكن لدينا أعمالا هابطة في لبنان اكثر، بسبب ثقافة بعض المخرجين وسوء اختيار الممثلين والنصوص. اما في سوريا فانهم يركزون اكثر على “الكاستينغ”، حيث طُلبت من لبنان الى طرطوس- بانياس لتأدية مشهدين فقط، احدهما صامت، في مسلسل “شبابيك” مع المخرج برقاوي، مقابل الف وخمسمائة دولار!
ويقول: “لطالما سمعت عن نهايات لا تليق بكل من الفنانين الراحلين: ليلى كرم، ليليان نمري، ماجد افيوني، ابراهيم مرعشلي، شفيق حسن، ومحمود سعيد، ولكنني اليوم اتعاطف مع هؤلاء اكثر من اي وقت مضى”.
ويستدرك مبارك خاتما: “لذا انا أفكر بان أدخر يوميا الف ليرة، الى ان تحين ساعة وفاتي. علني اتمكن من تغطية دفني بأموالي المدخرة، وليس من خلال ما يتم تجميعه من اهل الوسط كصدقة.. عن روحي!”
شاركنا النقاش