[sam_zone id=1]

رحاب ضاهر|

ما تزال الفنانة نجوى كرم تتربع على عرش الأغنية اللبنانية منذ أكثر من ثلاثين سنة، من دون أن ينافسها أحد في لونها وفي خطها الغنائي. كما انها استطاعت أن تواكب العصر، وأن تكون نجمة لثلاثة أجيال.. فهي تعرف كيف تغازل جيل الشباب لتضمهم إلى صفوف جمهورها، وتعرف كيف تحافظ على جمهورها “العتيق” الذي قد لا يعجبه كل ما تقدمه كرم في السنوات الأخيرة التي ركزت فيها على التوجه لجيل الشباب، لكن هذا الجمهور بقي إلى جانبها، مقدراً أرشيفها الذي قدمته في الثمانينيات والتسيعينيات حتى أول الألفية الثانية.

نجوى كرم التي تشكل لها استمراريتها هاجسا قويا – وهذا طبيعي لدى كل النجوم- اعتمدت لفترة من الفترات على تقديم أغان تحمل صدمة لجمهورها من ناحية الكلمات، وبدأتها مع: “خليني شوفك بالليل” و”بطل يجي علينا” .

ومؤخرا قامت نجوى كرم بإطلاق فيديو كليب “ملعون أبو العشق” على نحو ناجح، بسبب فكرة “الكليب” الذي صورته بطريقة عفوية في شارع الحمرا في بيروت وسط الناس، وظهرت فيه على طبيعتها مع الناس الذين يتفاعلون مع غنائها.

ويبدو أن الفكرة راقت “لشمس الغنية” لتكون مقياسا لمدى شعبيتها في الشارع اللبناني، فأرادت تكرارها ولكن على نطاق أوسع، من شارع الحمرا الى مناطق لبنان. فأطلقت قبل اطلاق “بعشق تفاصيلك” الكثير من “البالونات الحرارية” حول تصوير عملها الجديد الذي سيشمل مناطق لبنانية عدة انطلاقا من مدينتها زحلة. وحسب ما صرحت به، فإنها كانت تريده أن يشكل نقلة نوعية، وأن تظهر فيه صورة الوطن تزامنا مع مئوية لبنان الكبير، وجاء الإعلان عنه مشوقاً وواعداً جدا، مما رفع سقف التوقعات لدى الجمهور الذي راح يحلم بعمل ضخم بتقنيات عالمية مذهلة، وفقا لما روج له.

لكن سرعان ما صدم الجمهور عند عرض “الكليب” الذي جاء أقل من التوقعات بكثير. فرغم أن الفكرة كانت جيدة إلا أن السرعة، او ضيق الوقت، كانت من العوامل التي لم تسعف نجوى كرم لتتجاوز او تتفوق على تجربة “ملعون أبو العشق”.

اختارت كرم تصوير الأغنية على مدخل البردوني، وهي المنطقة الملئية بالخضرة والماء والمقاهي، والتي جذبت من قبل أمير الشعراء أحمد شوقي فكتب قصيدته الشهيرة “يا جارة الوادي” التي غناها محمد عبد الوهاب وفيروز، وكان يزورها فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وأم كلثوم لدرجة أن ألأخيرة اعتبرتها الجنة. وحين كانت تودع صاحب “كازينو عرابي” الشهير الذي كان يجلس فيه الفنانون، واسمه “جان” قالت له لحظة الوداع: “مع السلامة يا رضوان”، فصحح لها اسمه وقال: “جان”، فردت عليه بقولها: “رضوان هو حارس الجنة، أولسنا نحن في الجنة وأنت حارسها؟”

وانطلاقاً من سحر المكان الذي أرادت نجوى كرم، وهي ابنة زحلة، أن تكرمه بهذا العمل لتظهر صورة لبنان الجميل، يمكن القول أنها لم تستطع أن تترجم فكرتها بالصورة التي أرادتها، ولم توفق بإبراز جمال مدينتها حيث وقفت في المدخل وتجمهر حولها الناس، ولم يظهر من زحلة سوى أرضية مدخل مقاهي البرودني والزحام الشديد حولها. فيما مرت سريعا على صخرة الروشة وإهدن ومناطق لبنانية اخرى. فظهر العمل وكأنه برومو ترويجي لمدن لبنان التي يحفظها الجمهور العربي واللبناني عن ظهر قلب، وبدت زحلة كحي شعبي مزدحم، الامر الذي يجعلنا كمشاهدين نتساءل: أين زحلة؟ ولماذا تم “سلق” العمل بهذه السرعة؟ ولماذا لم تصور كرم، على سبيل المثال لا الحصر، في “كازينو عرابي” الذي ما زال حتى اليوم يتباهي بتوقيع عمالقة الفن العربي في سجل زواره؟

والسؤال الأهم الذي يوجه لنجوى كرم الحريصة على فنها وصورتها: أين النقلة النوعية في كليب “بعشق تفاصيلك” والذي هو تكرار غير محترف لكليب “ملعون أبو العشق”، الذي لم تمر عليه إلا بضعة أشهر فقط، مع الفارق بأن الأول أبهر الناس ببساطته، أما العمل الثاني فصدم الناس بالفوضى التي تعمه. ولعل من الواجب التذكير بأنه اذا نجح عمل فني بالصدفة ومن دون تخطيط، (وهذا امر وارد)، فهذا لا يعني أن نكرر التجربة نفسها منتظرين نجاحها ايضا بالضرورة. ولماذا تكرر نجوى كرم صاحبة الثقل والباع الفني الكبير نفسها من الأساس، بدل أن يكون لديها أفكار جديدة ومختلفة.. وهي الحريصة على التجدد الدائم؟!

 

في هذا المقال

شاركنا النقاش