[sam_zone id=1]

دمشق: آمنة ملحم|

هي حكاية امرأة مسبوكة من وجع ومعجونة من قوة، وبيدين من فضة تضمد جراح أحبتها. هي “أمينة” السورية حد الثمالة، هي اختصار لنساء الحرب حين يجتمعن بامرأة واحدة.. هي الفنانة نادين خوري في فيلم “أمينة” .

ليس سهلا أن تنسج عباءة مطرزة بالأوجاع، ورغم ذلك يظل الأمل فيها محبوكا بخطيان من شمس. ولكن الفنان أيمن زيدان ابن الفن العتيق وصاحب الباع الطويل بمهنة تتغلغل في روحه استطاع بتجربته الاخراجية السينمائية الأولى فعلها مع “أمينة”، مقدما صورة سينمائية، أبطالها مجبولون بتراب الأرض وعزة النفس والكبرياء مهما كثرت الأوجاع من حولهم. فكلما اشتدت وطأة الفقر عليهم ومد الطامعون يدهم استغلالا لظروفهم، كان سقف كرامتهم يرتقي ليدوس على القاع ويبقهيم مكانهم.

هكذا داست “أمينة” وابنتها سهيلة (لمى بدور) بمحبتهما وعنفوانهما على محاولات المتنفذ في ضيعتهم (قاسم ملحو) وأطماعه بالنيل منهما، مستغلا ديونا متراكمة وفقرا خلفه غياب الأب وعجز الابن سهيل (جود سعيد)، الذي ورثه من حرب مجنونة عاثت قذائفها بجسده لتجعله غائبا كليا عن الحياة سوى برفة عين يطلقها احبانا تعبيرا عما بداخله. وفي وجه ذلك كله، كانت أمينة هي الأم الفلاحة التي تعلو آلة “النورج” لتفصل القمح عن قشره، والطبيبة لإبنها، وخبازة التنور التي تلاحق لقمة عيشها، والطباخة في منزل الاثرياء بحثا عن دخل اضافي يسد العجز ، ورغم ذلك تبقى زارعة للأمل في درب كل من مر في حياتها.

الفيلم الذي قدم في عرض خاص في سينما “سيتي”، وألفه الفنان ايمن زيدان برفقة سماح قتال، حمل أوجاعا سورية لا يمكن أن تمحى بسنين بل تتكاثر مع مرورها، لشدة ملاصقته للحقيقة، فجاء من الناس ولهم، متوغلا بعمق إنسانيتهم، ومترافقا مع موسيقى تصويرية لسمير كويفاتي مدغدغا آلامهم وآمالهم.

وكما كانت المرأة السورية ركيزة اساسية في الفيلم، كذلك كانت الارض في اصرار “أمينة” على عدم بيع البيدر رغم ملاحقة أخيها أمين (رامز الاسود) لها لتحقيق مكاسبه منها. وجاء الحزن والأمل في الصورة السينمائية في حالة مد وجزر لآخر مشهد فيه، حيث عم الحزن برحيل الابن عن الحياة، والأمل ببقاء امينة مع آلة النورج فوق الأرض، حتى وهي تحترق.

مشهد من امينة

بمسؤولية كبيرة، خاطب زيدان عمق الروح، مع فريق وفيّ لعمله بتوجيهات من زيدان، كما أكد المخرج جود سعيد في حديثه عن تجربته في التمثيل أمام كاميرا زيدان. واكدت الفنانة نادين خوري أن زيدان هو البطل الأَول للفيلم، معتبرة أن الفرصة الذهبية للفنان تأتي مرة واحدة ولا تتكرر، وفرصة “أمينة” بالنسبة لها لا تتكرر، معرجة على أجواء التصوير التي حملت الشغف والدفء في عمل أداره زيدان بخبرة عالية ومحبة كبيرة واحترام لكل كادر العمل من فنيين وممثلين.

واشار المخرج عبد اللطيف عبد الحميد الى عدم تردده لحظة للمشاركة كضيف في الفيلم، لأن ايمن زيدان يدير دفته، وذلك عبر مشهد واحد جسده بما يشبه شخصيته في الواقع كحالم بالسينما، ومؤمن بها وبعمق رسائلها.

واعتبر الفنان حازم زيدان الذي له حضور لافت في الفيلم، كعسكري في خدمته، وشاب وفيّ لصديقه الشهيد الحي، أن التجربة تشكل إضافة هامة الى مسيرته الفنية. كما اعتبرت الشابة لمى بدور مشاركتها بمثابة فرصة هامة لها مع قامات فنية عريقة.

في هذا المقال

شاركنا النقاش