[sam_zone id=1]

فاتن قبيسي|

اختتم مسلسل “ثواني” (اخراج سمير حبشي) حلقاته امس على شاشة lbci. عمل تناول بعض اشكاليات المرأة. وهو التوجه الذي تركز عليه الكاتبة كلوديا مرشليان في السنوات الاخيرة في اعمال منها: “ورد جوري” الذي تناول قضية الإغتصاب (اخراج سمير حبشي) على سبيل المثال لا الحصر.

تطرق “ثواني” (انتاج “ايغل فيلمز”) الى الصعوبات التي تواجهها الزوجة هنادي (ريتا حايك) للحصول على الطلاق، من رائد الزوج المجرم (عمار شلق). وحالات القلق والاستنزاف التي تمر بها في سبيل الاحتفاظ بحضانة ابنها. في المقابل، يبرز العمل الثمن الكبير الذي تدفعه أم، في حال تخلت عن طفلتها هرباً من الفقر. وهو حال أم هنادي (نهلة داوود). كما يتطرق العمل الى زواج القاصرات، من خلال اقتران رائد بالقاصرة “دعاء” كزوجة ثانية، مع ما تبع ذلك من ظلم لها.

لا شك ان الدراما عامل مساعد وبقوة، الى جانب الاعلام لدعم قضايا نسوية. حاول “ثواني” ليس الاضاءة على اشكاليات تحيّز قوانين الاحوال الشخصية للرجل فحسب، بل ايضا اعطاء جرعة معنوية للنساء، اللواتي يمكن بصمودهن واصرارهن كسب المعركة اخيرا.

هكذا نجحت هنادي في التخلص من زوجها، والاحتفاظ بإبنها، وكذلك بحبيبها سامي (رودريغ سليمان) الذي ساندها في رحلتها المضنية.. نهاية منطقية لقصة اجاد فيها الممثلون ادوارهم.

وعلى الرغم من تحرر لارا (ستيفاني عطالله) وتفلتها احيانا من بعض الضوابط لدرجة السكِر، الا انه كان لافتاً خلال علاقتها مع حبيبها داني (نيكولا مزهر) تجنبها اقامة علاقة جنسية، في حين استسهل هو اقامة مثل هذه العلاقة مع فتاة تعرف عليها سريعا… “انا اشرف منك” قالت لارا لداني في احدى المشاهد. وفي ذلك دعوة مستبطنة الى دحض الاحكام المسبقة على من هن مثيلات لارا في نمط العيش والتحرر.

والعمل يتناول ايضا قضايا اخرى، كالطبقية (فقر وغنى)، والفساد والمتاجرة بالممنوعات وجرائم القتل.. الا ان الرسائل المتعلقة بواقع المرأة في لبنان كانت طاغية واكثر اهمية. علما ان الفنان فادي ابراهيم جسد دور الرجل الفاسد “سهيل كرم” بحرفية لافتة. وكذلك الفنان عمار شلق الذي خرج من ثوبه كليا مع شخصية “رائد” التي قدمها على نحو موفّق جدا. كما قدمت ستيفاني عطالله شخصية صعبة تحتاج الى جهد كبير… فجاءت معظم مشاهدها متقنة، باستثناء مشاهد قليلة بالغت فيها، لكن ذلك لا يفسد نجاحها بطبيعة الحال.

وعليه، فالعمل قدم مقولات هامة. كسر الحلقة المفرغة لقصص الحب الدرامية المجانية. ومرّر رسائل من صلب الواقع. ولكن رغم تقديمه قصة جذابة بالاجمال، الا أنه اعترى بعض تفاصيلها نقاط ضعف، كان يمكن تجنبها بسهولة تامة. والا فما معنى ان تنزل هنادي من بيت زوجها العلوي، لتفضح تحت شرفته بصوت عالٍ لخالتها (ختام اللحام) خطتها كاملة للايقاع به؟ كان بإمكانه ان يكتشف خطتها بطرق اخرى… كان يمكن- في حال تم تدارك مثل هذه التفاصيل- شد أزر القصة، وجعلها أكثر تماسكا واقناعا.

ورغم ان اسم العمل يبدو شكليا، ولكن كان يمكن تغييره. “ثواني” لا يعبر عن فحوى القصة. واذا كان المقصود ان حادث السير الذي افضى الى كل الاحداث قد حصل بثوانٍ، فهذه هي حال اي منعطف يحدث في حياتنا.. فالامَ يرمز الاسم هنا؟ كان يمكن استبداله بما هو اكثر تعبيرا عن القضايا المتناولة.

في الختام، نجح المسلسل في استقطابنا. ويُراهن مع الوقت على مسلسلات من هذا النوع لإحداث تغيير تدريجي في الذهنية العامة. قضايا المرأة تستحق الكثير من الخوض.. والى المقولة الجريئة التي تواجه القوانين المجحفة والاعراف الظالمة بحق النساء.. فهل تكمل الكاتبة مرشليان في هذا الاتجاه؟

في هذا المقال

شاركنا النقاش