فاتن قبيسي|
لم يكن متوقعا ان تظهر الفنانة نادين الراسي في برنامج “المكتب الثاني”، عبر “ام تي في” وكأن الجمهور يتعرّف عليها للمرة الاولى!
كان البعد الإنساني طاغيا على شخصيتها في الحلقة. مزيج من القوة والضعف، من التوتر والهدوء، من الكبرياء والوجع، ولكن بين هذا وذاك، كانت أجوبتها حاضرة، وتتمتع بسرعة بديهة مستجدة، لم تكن تُلحظ في حواراتها السابقة.
ليس معلوما اذا كان مقدما البرنامج رجا ورودولف قد وضعاها في اجواء الاسئلة مسبقا ام لا. ويرجح ذلك لأن طرح بعضها كان استفزازياً ومؤلماً.
غير ان مثل هذا الاحتمال لا يقلل من وقع اطلالاتها. ليس لأن أجوبتها غالبا كانت تصيب الهدف، بل لان مجرد خوضها في بعض “الأسرار” الشخصية هو دلالة على القوة والثقة بالنفس. وعليه، لم تتردد نادين الراسي بأن تعترف بأنها كانت تبيع الدخان مقابل مئتي دولار شهريا، وأنها كانت تقطن وزوجها الاول غرفة “الناطور” في احد المباني، وأنها كانت تٌهاجم من قبل بعض الفنانين- الزبائن في احد المطاعم، حيث كانت تعمل، بسبب اعتراضهم على الطاولات التي حجزتها لهم.
هكذا بدت الراسي متصالحة مع ماضيها. الماضي الذي يخجل به الكثيرون من الفنانين، بعد نيلهم الشهرة والنجاح. ربما ارادت ان تقول انها لم تولد وفي فمها ملعقة من ذهب. بل انها كانت تعاني حتى من معاملة اَهلها- الذين كانوا يسمونها “حسن صبي”- وهو ما دفعها الى الزواج في عمر مبكر. وفي مرحلة لاحقة، انتقلت الى مجال عرض الأزياء والاعلانات.
وضعت الراسي ماضيها وحاضرها على الطاولة امام الجمهور. كأنها ارادت ان تتطهر من اوجاعها، التي بلغت ذروتها في طلاقها من زوجها الثاني. هذه الرحلة الشائكة في المحاكم، التي انتزعت منها طفليها، ودفعتها للتنازل عن البيت لطليقها، ضمتها الى النساء اللواتي يتكبدن المصاعب، بسبب لا عدالة قوانين الاحوال الشخصية. باختصار، هذا الطلاق هو الذي أحالها الى امرأة قوية، وكأن التجربة أثقلتها، لم تعد تخشى شيئا بعدها، ولم تعد تتوقع الاسوأ.
من هنا جاء اختمار بعض مواقفها في الحلقة. بدت نارية احيانا وحازمة. وهي اذ كانت تحاول الاستقواء على اوجاع التجارب، الا ان لديها وجعا من نوع آخر، اذ تحدثت عن حاجتها اما لغسيل كليتها، او الى زرع كلية جديدة.
وعندما كان ضعفها يباغتها احيانا، كانت تشحن نفسها سريعا بالطاقة لدى انتقال الحديث الى أعمالها الفنية. هنا ترتفع درجة الثقة بالنفس لدرجة انها لا ترى منافسة لها. هذه المبالغة في تقييم الذات انما استمدتها من انطلاقة جديدة لها خارج لبنان. اذ انها أعلنت عن تعاقدها مع شركة انتاج مصرية لخمس سنوات، ومن بعدها ستذهب الى “كان”!
بالإجمال، تميزت الحلقة بتطرقها لمواضيع تخاض للمرة الاولى، بأسئلة قصيرة ( تفرضها طبيعة البرنامج) وأجوبة مباشرة. وهذا امر يسجل للبرنامج. ولئن احتاجت إدارة الحوار الى جرأة بطبيعة الحال، فان رجا تحديدا كان يتخطاها احيانا الى حد مزعج، في طريقة طرح السؤال. والا ما معنى ان يقول لضيفته: “صحيح انك كنت بشعة انت وصغيرة؟ كانت اختك اجمل منك”؟
او ان يباغتها بسؤاله المستفز، لدى قولها بان الجيران كانوا يخالونها “الناطورة”: “كنت تشطفي الدرج؟ كنت تلمي زبالة السكان؟” ما معنى ان يطرح مثل هذه الاسئلة التي قد تمس بعمل نواطير المباني السكنية عموما؟
باختصار، قدم “المكتب الثاني” نادين الراسي بصورة جديدة، تختلف عن تلك الفنانة التي كانت تقول “ما هب ودب” على مواقع التواصل الاجتماعي، وتورط نفسها احيانا من دون بعد نظر. قدم شيئا من الفنانة المعتدّة بنفسها، والكثير من صورة المرأة الناضجة، والأكثر من صورة الانسانة، التي بلغت ذروتها كأم انتهت بها الحلقة باكية في حضن بكرها!
شاركنا النقاش