خليل الحاج علي|
هو محطة لالقاء الضوء على تناقضات المجتمع اللبناني، وصورة عن تداخل اللغات المحكية الثلاث في لبنان، وانعكاس لبعض الأحداث اللافتة، كانتشار أغنية “كيكي” أو اكتشاف فقاسات البيض في مؤسسة “كهرباء لبنان”، وهو مرآة لمفاهيم سوسيولوجيةِ في المجتمع اللبناني المتخبط… إنه البرنامج الاذاعي “سيسرونا” الذي تعده وتقدمه الممثلة لورين قديح يومياً عبر “صوت الغد”.
بعدما عرفنا وجهها في السينما، تخوض لورين قديح العمل الاذاعي. تجيد اللعب على الكلام، وتستثمر بعض المصطلحات الشائعة باللهجة المحكية، وتتسلل بين ما هو متداول وبين ما هو غير مألوف، لتنساق كلماتها في اطار “مونولوغ” كوميدي نقدي لاذع عن المجتمع وتركيبته السياسية والسوسيولوجية. وهو البرنامج الذي يشبه بروحيته وتركيبته خليط المجتمع اللبناني. يبث اذاعياً على رأس كل ساعة، لا تتخطى مدة الحلقة الدقيقتين والنصف، وهو مطروح عبر صفحتي لورين قديح و”صوت الغد” على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديداً “تويتر”، حيث يحظى بتفاعل كبير.
تتنوع مواضيع البرنامج كأهمية استخدام مزيل العرق في أوقات الصيف، وعودة شاكيرا الى أرض الاجداد بفانيلا ماركة “حنين”، ومسائل تختص بالنحافة البدنية كـ “حامضات الضيعة”، والسائلون والقلقون على كل من تأخر بها سن الزواج، وغيرها من المواضيع في اطار فكاهي لا يخلو فيها الأداء والمصطلحات المستخدمة بعفوية وظرف، وهما سمتان في شخصية لورين، ليس من خلف المذياع فحسب، بل في حياتها الواقعية ايضا.
وتطالعنا في البرنامج أنواع كوميدية متنوعة، أبرزها الساركازم ” Sarcasm” وأحياناً الكوميديا السوداء. فتكون “اللطشة” السياسية حاضرة أحياناً، وكذلك النكتة االسريعة.
لكن قديح التي تتحدث عبر موجة الراديو هل هي اعلامية أم ناقدة أم الممثلة أم الانسانة؟ تجيب قديح في حديث خاص لـ “شاشات” أن “مدام سيسرونا” هي نفسها بكل نَفَس وحركة. الفكرة ليست برنامجاً ورد على خاطري، وانما البرنامج هو “أنا” الذي حان وقت اظهاره الى الملأ، هو نفسي التي أريد أن أخرجها للضوء، هو كل ما يعتري خواطري، لذلك كنت فمترددة في اطلاق البرنامج، لانني ترددت في اظهار حقيقة نفسي امام الجميع.
وحول مقولة تراجع الراديو وتراجع عدد متابعيه، تقول قديح: الراديو لا زال حيوياً وحياً. وتضيف: لدى دخولي الى أي مكان، يعرفون صوتي من كلمة “بونجور”، وكأن كل ما قدمته من أفلام ومسلسلات ناجحة تخطاها “سيسرونا”. كما وأن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دوراً هاماً في نشر الحلقات، فتخطت حلقة “المطبقية” أو الـ “Tupperware” والشيفينيوريا أو الـ “Chiffonier” حوالى مئة وعشرين ألف مشاهدة على “تويتر” فقط، حيث المنافسة شرسة.
وتشير قديح الى انها حرصت على عدم الظهور اعلامياً منذ مدة، وخاصة في الآونة الأخيرة، ولكن اليوم ورغم عدم التسويق ل”سيسرونا”، فان وسائل التواصل الاجتماعي أثبتت فعالية البرنامج وتأثيره، و” أعطتني حقي وبزيادة” كما تقول.
وتكشف انها لا تقوم البتة بتحضير واعداد الحلقات. وتقول: “لغاية لحظة التسجيل لا يكون لدي علم مسبق بما سأقوله. ولدي طقوسُ ما قبل التسجيل: قهوة وزاوية بعيدة عن الجميع، لا اتكلم مع أحد، والكل بات معتاداً على هذه الطقوس، فلا أحد يكلمني حتى انني أبتعد عن “السوشيل ميديا” وأفصل الانترنت عن الهاتف المحمول”.
وتختتم قديح كلامها: “لي عم يوصلي انو البرنامج (حالة) وهالحالة هيي حالتي. فأنا شخصية حالمة مفعمة بالايجابية، وكلما تراودني السلبيات أعود لأحلامي ولنفسي، فأنا لا أملّ مع نفسي”.
وتجدر الاشارة الى ان قديح شاركت في أفلام عدة منها: “حبة لولو”، و”شي يوم رح فل”. وهي تتابع اليوم دراسة “الماجستير” في المسرح، في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية. لذلك تكاد تكون طريقة تحضيرها لـ “سيسرونا” قريبة من اعداد الأدوار المسرحية التي تتطلب التركيز والصدق لدى الممثل. فهي جعلت من حياة المواطنين مادة فنية تتميز بصدق وانسيابية، فأتى الواقع اللبناني المهترىء على شاكلة برنامج اذاعي ساخر، قد يبعث على الضحك، ولكنه بالتأكيد.. يعبر عن واقع أليم.
شاركنا النقاش