فاتن قبيسي|
انها الحلقة الفضيحة.. هذا باختصار ما يمكن اطلاقه على حلقة امس من برنامج “مع تمام” على قناة “الجديد”..
“الضحية” هذه المرة هي مريم نور. انها شخصية جدلية. لها منطقها الخاص، وقناعاتها الخارجة عن المألوف غالبا، ولها لغتها ايضا التي تخرج عن الآداب العامة احيانا. بتنا نحفظها عن ظهر قلب. ولم يعد مجديا استضافتها، فلا جديد عندها تقدمه، الا بما يعرّضها احيانا للسخرية.
حمل بليق عدته وذهب الى منزلها. واخذ معه قالب حلوى احتفالا بعيدها الـ 88 . لكن قالب الحلوى هذا لم يذكّره بان المرأة على ابواب التسعين، وانه لا يجوز ان يستغلها من اجل “الرايتينغ”، عقدة بليق وهاجسه المستمر.
لا يراعي بليق في حواراته مكانةً، او عمراً، او خصوصية من اي نوع كانت. بعيد انطلاق الحلقة، ارادت مريم نور ان تنسحب او تنهي الحوار. هاجت وماجت، وراحت تمشي بين غرف منزلها، والكاميرا لا تفتأ تلاحقها، وتصور زوايا الغرف وتفاصيل المنزل، وصولا الى المرحاض. وهو المكان الذي رمت فيه مريم قالب الحلوى الذي حمله اليها مقدم البرنامج. قالت له انها لا تريد منه شيئا سوى المغادرة. لكنه ظل يماطل، يعدها بالخروج ولا يفعل، حتى اخرجها عن طورها.
شكل بليق ضيفا ثقيلا على مريم، اصر على اكمال ما بدأه رغم رفضها. افرغ كل ما في جعبته لاستفزاز امرأة مسنة، راحت تدور في منزلها كمن ضاقت به الغرف، وهو لا ينفك يطاردها بلا توقف بعبارات من مثل: “ما بتطلعي عالاعلام الا اذا دفعولك مصاري”. “انت تحبين البروباغندا”.. ثم ينظر الى الكاميرا ليشكو الى المشاهد بان مريم نور لا تتجاوب مع الحوار.. اي حوار هذا؟ واي برنامج تلفزيوني؟ انه استعراض فارغ يقوم على الفضح، ويستجلب الاهانة الشخصية للمقدم. لقد تلقى بليق صفعة اولى من مريم، ولم يتوقف عن استفزازها، ثم صفعة ثانية وثالثة.. ثم ضربته بعدها بعصا وهي تطرده خارج منزلها لكنه لم يفعل، ولم يتوقف عن انتقادها وتأنيبها!
وبليق الذي يهين بالعادة ضيوفه تحت ستار “الاسئلة الجريئة”، بدا امس كمن يتلذذ في المقابل باهانة نفسه، مفترضا انه حقق “سكوبا” اعلاميا بعد “تعذيب” الضيفة وتعريضها لمختلف انواع الضغوط النفسية، الى ان “هشلت” في النهاية الى الشارع!.
اي اعلام تلفزيوني هذا الذي بتنا نشاهده؟ ببساطة انها حلقة غير قابلة للعرض بتاتا. فلا مادة فيها، ولا حوار، ولا معايير مهنية فيها ولا انسانية ولا اخلاقية، وتصور اعلامنا اعلاما هجينا يقتات على اسخف المواد، واكثرها خرقاً للحرمات في الوقت نفسه.
اذا كانت مريم نور صاحبة مزاج خاص جعلها تشكل ظاهرة لسنوات على الشاشة، فان هناك حاجة اليوم الى التوقف عن استثمارها. انها امرأة تكبر في السن، وتعيش وحيدة، وهي أم اولا وآخرا، ويجب مراعاة كل هذه المعطيات، ولا يجوز البتة تحويل اطلالتها الى “سيرك” تلفزيوني.
انها من المرات النادرة التي نشعر فيها بالتعاطف مع مريم نور ضد محاورها.. كانت القاعدة تسير عكس ذلك غالباً، لكن اسلوب مقدم البرنامج غير المهني والمستجدي للمشاهدة.. جعل السحر ينقلب على الساحر هذه المرة، ويتسبب بالنفور والرفض للبرنامج ومقدمه في آن.. يا للمهزلة!
.. كفىوا عن استضافة مريم نور.. وابحثوا عن مصادر الرزق خارجها!
شاركنا النقاش