[sam_zone id=1]

ماهر منصور|

واحدة من أشهر العبارات التي تكاد لا تغيب عن تصريحات الكتاب الذين يعكفون اليوم على كتابة مسلسلات تجمع فنانين سوريين ولبنانين في حكاية واحدة، هي قولهم أن مسار الحكاية في مسلسلهم، لا الضرورات التسويقية، هو ما فرض وجود ممثلين من البلدين فيه.

ذلك الكلام، بحرفيته، يوحي كما لو أن أفكار كتاب الدراما السورية تفتّحت فجأة على الحكايات الدرامية العابرة للحدود بين البلدين. لكن القبول به هو استخفاف بعقولنا، إذ من غير المقبول أن نختصر أسباب ظهور هذا الكم الكبير من الأعمال الدرامية التي تجمع سوريين ولبنانين، بأنها استجابة فقط لطبيعة حكاياتها التي جاد بها كتابها خلال موسم واحد في مصادفة إبداعية بحتة، بريئة من الضرورات التسويقية!

حالة النكران تلك من قبل كتاب الدراما السورية وصناعها من مخرجين وفنانين، تبدو أشبه بجلد الذات، ولاسيما للمبدعين منهم. فالجميع يعرف أن منتجي هذه الدراما باتوا أسرى هواجس التسويق، وهم يتمسكون بما يرونه طوق نجاة لبيع مسلسلاتهم، وبالتالي هم يحشرون كتاب هذه الأعمال ومخرجيها في مساحة ضيقة من الخيارات، من شأنها أن ترمي ظلالها ثقيلة على الفكرتين الحاكمة والمهمة اللتين تقوم عليهما حكاية العمل الدرامي. وبالتالي هم يبذلون جهداً إضافياً لتبدو حكاياتهم مقنعة ومبررة. وفي الاعتراف بقيود التسويق الجديدة على نصوصهم، هم على الأقل ينأون بأنفسهم من تهمة ركوب موجة المجازفة بخصوصية الدراما السورية، وتمييع حضورها في المشهد الدرامي العربي.

تذكر التصريحات اليوم، بأخرى مشابهة حرص على إيرادها كتاب المسلسلات التي تدور أحداثها خلال الفترة ذاتها التي استهلكتها ما عرف بمسلسلات البيئة الشامية من تاريخ دمشق. إذ يعمد هؤلاء الى القول بأن مسلسلاتهم تحترم طبيعة المكان والفترة الزمنية التي تجري فيها أحداث الحكاية، وانهم سيقدمون في متن الحكاية تصحيحاً لصورة دمشق وأهلها التي أساء إليها “باب الحارة” واخوانه، فكان حالهم مع هذه التصريحات، مثل حال “دون كيشوت” الذي قاد معركته ضد أعداء متخيلين، الأمر الذي جعلهم ينحرفون عن هدفهم الحقيقي، بتقديم صورة دمشق في تلك الفترة الزمنية، إلى تصحيح صورتها التي كرسها مسلسل “باب الحارة” واخوانه. والفارق بين تقديم الصورة وبين تصحيحها، هو الفارق بين أن تقدم حكاية متروكة للخيال، وأخرى تنصب نفسها للرد على خيال سواك.

ذلك حال كتاب الدراما السورية – اللبنانية الطارئة، ينصبون أنفسهم أبطالاً يديرون الظهر للضرورات التسويقية. وهم بالحقيقة، يديرون دفة الخيال صوب تلك الضرورات. وفي ذلك الادعاء ليس بطولة. فالبطولة أن تقول أنني ضمن هذا الحيز الضيق والشروط التسويقية، أصنع حكاية مسبوكة، وأٌقدم مثالاً على إبداع يطوع نفسه باتجاه الريح، ولا ينحني لها ويتنازل.

ما الفارق بين البطولتين…؟ باختصار هو احترام الناس وعقولها، وترك المشكلة في مرمى النظر. لعل يأتي من يفك أسراراها ويحلها، ويفك معها أسر صناع الدراما ومنتجيها من هذا القيد التسويقي!

 

 

في هذا المقال

شاركنا النقاش