فاتن قبيسي|
للمرة الاولى في لبنان والشرق الاوسط، تعكف شركة انتاج لبنانية على تصميم وتنفيذ شخصيات كرتونية على قدر وافر من الاحتراف. ولعل البرومو الترويجي للفيلم الكرتوني “الفيل الملك” يوحي بانه يحمل توقيع شركات انتاج عالمية. وليس في ذلك مغالاة، كوننا نشاهد بالعادة افلاما كرتونية احترافية مستوردة من الخارج.
ولكن ربما هذا الامر لن يبقى حكرا على اميركا واوروبا. فشركة “ميم للانتاج الثقافي” تركن الى تصميمات مبتكرة للشخصيات الكرتونية، والى مستوى تقني وفني عال في تحريك هذه الشخصيات، التي تروي قصة “الفيل الملك”. الفيلم الذي سينطلق في صالات السينما اللبنانية في 14 الشهر المقبل، يخرجه هادي محمديان. وهو الثاني للشركة المذكورة بعد فيلم “أميرة الروم”.
ولا تقتصر أهمية هذا العمل، الذي سيتم اطلاقه في “مهرجان دبي السينمائي” الشهر المقبل، باعتباره يقارب الاعمال المماثلة في الخارج على مستوى تنفيذ “الانيميشين” التي تتولاه شركة “هنر بويا”، بل كونه ايضا نابعا من الثقافة العربية، ويحمل رسائل من هذا المنطلق ليس الى الاطفال فحسب، بل الى العائلة والطلاب والاعمار كافة.
ولعل هذه التجربة التي استغرق العمل عليها ثلاث سنوات، من شانها ان تحفز شركات انتاج عربية اخرى لخوض المجال. لا سيما في ظل ندرة المواد الدرامية التلفزيونية والسينمائية الموجهة للعائلة والاطفال.
من هنا، فان القصة ليست وحدها التي اريد لها ان تكون من وحي البيئة، فان الاصوات المدبلجة ايضا هي اصوات اعتاد عليها اللبنانيون، كون اصحابها ممثلين معروفين، واصواتهم مألوفة على المسامع، لمشاركتهم سابقا في عدد من الاعمال الاجنبية المدبلجة الى العربية. وقد اختير في هذا المجال سبعة فنانين لاعارة اصواتهم للشخصيات الكرتونية الاساسية في الفيلم وهم:
الفنان جورج خباز (شخصية فرفور)، خالد السيد (اسفل)، عمر ميقاتي (بابا برنابا)، رودي قليعاني (شادفيل) ، مريم (نسرين مسعود) ، محمد شمص (غافيل)، وعماد فغالي (الملك).
ويقول المنتج عباس شرارة: من مميزات هذا الفيلم التي تعطيه فرادة خاصّة، أنه منطلق من صلب مجتمعاتنا ليتوجه وربما لأول مرّة من الشرق الأوسط إلى الدول الأوروبية وآسيا وأميركا وغيرها من الدول. فالفيلم يمتلك مقومات عالية جداً من الجاذبية، وربما سيؤدي وظيفة في إنضاج مجال إنتاجي جديد، أو تعزيز مجال إنتاج الanimation في الدول العربية والإسلامية.
وردا على سؤال يشير الى ان ميزانية الفيلم تبلغ مليوني دولار. وهي وان كانت ميزانية عالية بالنسبة الينا، الا انها متواضعة جدا بالنسبة الى شركات الانتاج المماثلة في الخارج.
وحول رسم الشخصيات، يقول المدير الفني رضا قصير: لقد أخذ هذا الموضوع عناية خاصة ووقتا طويلا. اذ تم تقديم عدة نماذج ليتم اختيار واحد منها، ميزته انه يقوم بتحويل الشخصيات من واقعية إلى شخصيات كرتونية قريبة للأطفال، تحاكي نمط الأطفال وقريبة على أعينهم. كما ان الفيلم يتمتع بميزة خاصة تجمع ما بين الخطوط الحادة التكعيبية والخطوط الانسيابية كالعين ودائرية العين. على امل ان تكون هذه الرسومات أو الشخصيات بشكل عام جذابة للأطفال وتلقى صدى لديهم.
اما قصة الفيلم ( مدته 90 دقيقة) فتدور في اطار طريف، في إحدى جزر ارتريا، حيث يسعى “أسفل” رئيس صائدي الحيوانات المتوحشين لدخول أرض العاج “موطن الفيلة”، واصطياد الحيوانات الضخمة لبيعها لأبرهة ملك اليمن.
وكانت الفيلة تحتفل بولادة “شادفيل” ابن الملك، والذي شكلت ولادته خيبة أمل لها، اذ كانت تنظر لبدانته على انها مصدر لمشاكل كثيرة. لكنّ حادثة الهجوم على الجزيرة ستجعله أقرب الى قلوب الجميع وستجعل من مغامراته المضحكة في وجه الصيادين حديث الجميع.
تتصاعد أحداث الفيلم بشكل مثير لتعكس حبكة درامية متماسكة تستند الى تراث البلاد العربية والبحر الأحمر.
يمتاز “شادفيل” بكل ما تحتاجه الشخصية النموذجية من مواصفات للتأثير في المتلقين، وقد اختزنت شخصيته القيم ومحورية الأحداث المؤثرة في الفيلم، ورقة القلب والطرافة التي عكست جوا فكاهيا مؤنسا في كافّة الأحداث. ورغم كل ذلك فهو أيضا يرتكب الأخطاء ويتعلم منها، وينحرف عن مساره، ثمّ يتدارك ذلك في لحظة مؤثرة وحاسمة.
تدور الاحداث في السفينة، ثم في المدينة، وفي قصر الملك الذي يُستعان بالحيوانات والفيلة لبنائه، والتفنن في المعالم الحضرية للمدينة. ثم في السجن ومأوى الحيوانات.. في كل هذه المواقف أحداث تتفاعل لتعكس للأطفال التحديات التي يمر بها الطفل والانسان في حياته، وكيف يتعلم من تجاربه، وما هي المواقف التي ينبغي اتخاذها عند وقوع الأصدقاء في المخاطر، أو عند الاغراءات التي تُقدّم للفرد عادة.
يقدم الفيلم شخصيات محببة طريفة وجاذبة، منها شخصية الفأر الطائش الذي سيعرض سفنية الصيادين للخطر، ثمّ سيلعب دور المساعد لصديقه “شادفيل” في العديد من المشاهد.
شاركنا النقاش